لعشاق القصص المثيرة والغامضة جئنا لكم فى موقعنا المتميز صفحة بمجموعة متميزة من القصص المرعبة والتى تحتوى على الكثير من التفاصيل المثيرة والشيقة ومنها تلك القصص قصة سفاح روستوف القاتل الرهيب لنتعرف سويا على تفاصيل القصة :
الرجل في الأربعينيات من عمره، حليق الذقن تغطي عينه نظارة طبية سميكة ويرتدي معطفا قديما إلى درجة انه لم يعد بالإمكان معرفة ماهية لونه الأصلي، تحت يده اليمنى تأبط كيسا كبيرا كذلك الذي يستخدمه الباعة المتجولون والحمالون. كان يبدو رجلا مرحا، وقد عزز هذا الشعور تلك الابتسامة العريضة التي تكاد لا تفارق شفتيه ..
أما الفتاة الصغيرة التي كانت برفقته فقد ارتدت ملابس المدرسة وكانت تحمل في يدها حقيبة كتب جلدية ويتدلى شعرها الذهبي الطويل مصففا بعناية خلف وجهها الصغير الجميل الذي كان يشع طهرا وبراءة .. من حين لأخر كان الرجل يربت بيده على كتفها برفق ويحادثها بلطف .. أي شخص رآهما في تلك اللحظة لم يكن ليشك في إنهما أب وأبنته .. سارا بهدوء لمسافة طويلة حتى أصبحت منازل وأكواخ المدينة خلف ظهورهم واستقبلتهم غابة كثيفة بدت أشجارها الخضراء الوارفة كأنها وحوش أسطورية قديمة تتأهب لمهاجمة الغرباء.
حين بلغا أطراف الغابة توقف الرجل لبرهة ..
تبادل عدة كلمات مع الفتاة ثم أشار بيده إلى نقطة ما في قلب الغابة التي بدت كمحيط أخضر يتموج أمامه، بدا كأنه يطلب منها أن تتبعه إلى مكان ما، مشى عدة خطوات بين الجذوع الباسقة وأشار للفتاة كي تلحق به .. ترددت قليلا .. بدت لها الحافة الإسفلتية التي تفصل الطريق عن الغابة كأنها حدود تفصل بين النور والعتمة .. لكنه ناداها ضاحكا يستعجلها فتبعته على وجل.
كلما توغلا داخل الغابة تسارعت خطى الرجل أكثر فأكثر .. تحولت كفه الحانية اللطيفة إلى قبضة حديدية أطبقت على يد الفتاة بقسوة .. تلاشت تلك الابتسامة العريضة وصار وجهه الآن عبوسا متجهما، كان التغيير الذي طرأ على هيئته وتصرفاته كبيرا إلى درجة أثارت رعب الفتاة فبدأ قلبها الصغير يخفق بعنف كأنه طبل حرب أفريقي ينادي بالويل والثبور .. حاولت التوقف وإبداء بعض المقاومة، كانت تروم الرجوع نحو الطريق الذي دلفا منه قبل قليل، لكن قبضته القوية سحبتها بعنف لتجبرها على متابعة خطاه، أخذت تبكي وتتوسل لكن الرجل لم يعرها أي اهتمام واستمر يسير بخطوات ثابتة مستقيمة كأنه ماض إلى هدف محدد لا يحيد عنه .. شيئا فشيئا لفهما ظلام الغابة واختفيا كالأشباح خلف جذوع الأشجار والأغصان المتشابكة الكثيفة.
مر الوقت بطيئا يغلفه صمت ثقيل لم يقطعه سوى حفيف الأوراق المتراقصة بفعل الريح وبعض الصرخات الموحشة التي كانت ترتفع من مكان ما في عمق الغابة من حين لأخر. وبعد قرابة الساعة ظهر الرجل الأربعيني ثانية؛ كان وحيدا هذه المرة، اختفت الفتاة الصغيرة التي كانت بصحبته، بدا تعبا يتصبب عرقا، توقف لبرهة يمسح الطين وأوراق الأشجار التي علقت بمعطفه، انتبه صدفة إلى بقعة دم داكنة لوثت بنطاله فاخرج منديلا قذرا من جيب معطفه ونظفها بعناية، وحين انتهى من ذلك ورتب هندامه توقف للحظات يتلفت حوله، وما إن اطمئن إلى أن خلو المكان حتى سار مسرعا نحو الطريق العام الذي أتى منه أول مرة، اخذ يسير بمحاذاة الشارع الإسفلتي بهدوء كأن شيئا لم يكن .. لم تكن تلك المرة الأولى التي يغادر فيها اندريه تشيكاتيلو الغابة المظلمة وحيدا .. ولن تكون المرة الأخيرة التي سيعود إليها مصطحبا ضحية جديدة.
المجاعة .. والشقيق الذي التهمه الجيران !!
- السفلة .. التهموا طفلي الجميل المدلل كالخروف ..
قالت آنا بحنق ثم لاذت بالصمت بعد أن خنقتها العبرات فيما دفن اندريه الصغير جسده الضئيل في أحضانها طلبا للدفء والأمان، لقد أرعبته القصة، فتلك كانت المرة الأولى التي يسمع فيها قصة استيبان، شقيقه الأكبر الذي لم يره أبدا.. لكنها بالتأكيد لن تكون المرة الأخيرة.
كانت مجاعة عام 1932 الكبرى في أوكرانيا (1) كارثة عظيمة أهلكت الحرث والنسل، ورغم إن الاتحاد السوفيتي السابق حاول التكتم على ما حدث، إلا إن الكثير من فظائعها التي حصدت ملايين الأرواح والتي يعجز اللسان عن وصفها تسربت إلى وسائل الإعلام العالمية. بعض التقارير تحدثت عن انتشار ظاهرة أكل لحوم البشر وتفشي اختطاف الأطفال الصغار كي يقتلوا ويؤكلوا. وقد كان استيبان تشيكاتيلو احد أولئك الأطفال العاثرين الحظ، ففي ذروة المجاعة عام 1933 اختفى فجأة ولم يعثروا له على اثر، وقد اتهمت أمه الثكلى الجيران باختطافه والتهامه. وعلى الرغم من عدم وجود أي دليل يثبت حقيقة قصة الطفل استيبان، فوالديه لم يكونا يملكان أوراقا تثبت ولادته أو وفاته، مما حدا بالبعض إلى الاعتقاد بأن القصة بأكملها ملفقة، فيما تهامس آخرون في أن الوالدان هم اللذان التهما طفلهما خلسة! .. لكن أيا ما كانت الحقيقة، فقد حرصت آنا على تكرار هذه القصة الغريبة أمام طفلها من حين لأخر، فتركت روايتها أثرا لا يمحى في ذاكرته ونفسه، وربما كان لها دور كبير في ما آلت إليه حياته لاحقا.
روستوف .. حيث عاش تشيكاتيلو وأرتكب أغلب جرائمه
مشاكل طفولة اندريه تشيكاتيلو لم تقتصر على قصة الشقيق الذي التهمه الجيران! بل رافقته تلك المشاكل منذ ولادته العسيرة التي يقال بأنها سببت له إصابة طفيفة بمرض الاستسقاء الدماغي، وهو مرض تكون له أحيانا عوارض طويلة المدى على السلامة العقلية والجسدية، إحداها كانت حالة التبول اللاإرادي التي لازمت الطفل اندريه حتى سن الثانية عشر. ولأن الصغير اندريه كان ينام مع أبويه في نفس السرير، بسبب صغر كوخهم الذي يتكون من غرفة واحدة، لذلك كان يناله قسط وافر من الضرب المبرح من أمه في كل مرة يبلل فيها الفراش.
اجتياح النازيين للاتحاد السوفيتي عام 1941 جلب معه أيضا الكثير من المآسي وزاد من حجم المشاكل التي كان الصغير أندريه يعاني منها أصلا، فوالده رومان التحق للقتال مع قوات الجيش الأحمر، وبقى هو وحيدا مع أمه في كوخهما الحقير الذي استباحه ودمره الألمان عام 1942 حين زحفت جحافل هتلر المجنزرة نحو موسكو. ومن المرجح أن يكون الطفل اندريه قد شاهد بأم عينه الجنود الألمان يسحبون والدته عنوة ويغتصبوها أمامه، حالها في ذلك حال ملايين النساء اللائي جرى اغتصابهن أثناء الحرب، وقد أثمر هذا السفاح الإجباري عن طفلة ولدت عام 1943 وأسمتها أمها تاتانيا. ولاشك أن تدمير كوخه واغتصاب أمه قد ترك جروحا غائرة إضافية في نفس الطفل اندريه.
ولأن المصائب تأتي مجتمعة كما يقال، فقد صادفت تلك السنة المشئومة التي ولدت فيها تاتانيا نزول داهية أخرى قصمت ظهر عائلة تشيكاتيلو الصغيرة، فقد أصيب الأب رومان بجروح في إحدى المعارك الحربية فوقع أسيرا بيد النازيين، ولم يعد مرة ثانية إلى منزله إلا في عام 1949 بعدما أطلق الأمريكان سراحه من احد المعتقلات.
وبدلا من أن تكون عودة الأب الأسير مدعاة للفخر ومناسبة للفرح، غدت للأسف سببا في المزيد من العار والشعور بالخيبة والألم. فالأب العائد بعد ست سنوات طويلة من العذاب في معسكرات الأعداء لم ينل تكريما ولا حفاوة من قبل الناس والدولة، بل كان نصيبه الاتهام بالخيانة!! لقد قالوا عنه بأنه "باع أرضه" حين استسلم للقوات الغازية وامتدت وصمة الخيانة لتشمل عائلته بأسرها، فتحول الصغير اندريه إلى فرصة لا تفوت للاستهزاء والتهكم، إذ راح زملاءه الأطفال في المدرسة يعيرونه بخيانة والده، وتمادوا في استغلال محنة الطفل فالحقوا به الكثير من الأذى النفسي والجسدي – ربما اغتصبوه .. فعدد كبير من سفاحي العالم كانوا قد تعرضوا للاغتصاب في طفولتهم -.
الخجول العنين
بسبب مشاكله النفسية، نشأ اندريه خجولا – خصوصا مع الفتيات – وأصبح قليل الاختلاط بالآخرين، لكنه من ناحية أخرى كان مولعا بالدراسة وقارئا نهما للأدبيات السوفيتية.
في مراهقته اكتشف أندريه اكبر مشاكله التي ستحوله مستقبلا إلى وحش كاسر لا يرحم، لقد اكتشف بأنه عنين – ضعيف جنسيا – (1)، وكانت أول تجاربه الفاشلة في الجنس في سن السابعة عشر، حينما طرقت باب منزله إحدى صديقات أخته، كانت فتاة صغيرة في الحادية عشر من عمرها، أخبرها اندريه بأن أمه وأخته ذهبتا إلى السوق وانه لوحده، لكن على عكس توقعاته فأن الفتاة لم تبرح مكانها ولم تمانع من الدخول. فذهب خيال الفتى المراهق بعيدا وظن بأن الفتاة تشتهيه وبأن تصرفاتها هي في الحقيقة دعوة مفتوحة للتحرش، لذلك هاجمها بشراسة ما أن استقر بها المقام داخل الكوخ، طرحها أرضا وخلع عنها ملابسها غير آبه لصراخها ومقاومتها، ثم تمدد فوقها محاولا اغتصابها .. لكن ضعفه الجنسي خذله فلم يستطع إنهاء المهمة، وهذا الفشل والخذلان سيلازمه لما تبقى من حياته وسيثير جنونه إلى حد القتل.
أندريه مع زوجته وطفله
في عام 1953 أنهى أندريه دراسته الإعدادية بنجاح وحاول الالتحاق بجامعة موسكو، لكن طلبه رفض لأن درجاته لم تكن تؤهله لدخول الجامعة. أما هو فقد ظن بأن السبب الحقيقي للرفض كان يتعلق بأسر والده.
بعد أن أنهى خدمته العسكرية، انتقل عام 1960 برفقة شقيقته تاتانيا للعيش في بلدة صغيرة بالقرب من مدينة روستوف أوندون الروسية حيث حصل على وظيفة عامل بدالة. هناك ساعدته أخته في التعرف على صديقة لها تدعى فايينا، والتي سرعان ما أصبحت زوجته في عام 1963 .. العجيب أن اندريه وعلى الرغم من ضعفه الجنسي أصبح أبا لطفلين - ولد أسمه يوري وابنة أسمها لودميلا - ،وقد تحدث لاحقا عن علاقته الجنسية بزوجته واصفا إياها بالباردة والضعيفة، وبأن إنجاب زوجته للأطفال لم يكن طبيعيا حيث كان يقذف سائله المنوي على جسدها ثم يسحبه إلى داخل عضوها التناسلي بأصبعه، وهكذا حملت منه.
في أواخر الستينيات أستأنف اندريه تحصيله العلمي فدرس الأدب بالمراسلة في جامعة روستوف وتخرج منها عام 1971 ليعمل مدرسا لمادة لأدب الروسي، وظيفته الجديدة كانت محترمة لكنها لم تكن مستقرة، كان مضطرا لتغيير محل عمله باستمرار بسبب الشكاوى المستمرة التي كانت تلاحقه بسبب تحرشه بالتلاميذ من الجنسين. وهكذا كلما ساءت سمعته في مدرسة تركها وانتقل إلى أخرى حتى انتهى به المطاف أخيرا للاستقرار عام 1978 في بلدة تدعى شاختاي في مقاطعة روستوف.
الوحش ينطلق ..
في شاختاي أقترف اندريه أولى جرائمه عام 1978 عندما خدع طفلة في التاسعة من العمر أسمها إلينا زاكوتنوفا واستدرجها إلى سقيفة مهجورة كان قد هيئها مسبقا، هناك حاول اغتصابها لكنه ضعفه الجنسي خذله كالعادة، وقد أثار الفشل حنقه وزاد من جنونه محاولات الفتاة المستمرة للإفلات والهرب، فأطبق قبضته على عنقها الدقيق وراح يخنقها بكل قوته، وفيما كانت الطفلة المسكينة تلفظ أنفاسها الأخيرة أستل أندريه سكينا من معطفه وراح يطعن جسدها المحتضر المرة تلو الأخرى، ومع كل طعنة كان جسده يرتعش بنشوة جنسية لم يعرفها في حياته من قبل. لقد شعر أندريه بوجود ارتباط عجيب بين موت ضحاياه العنيف وإرضاء رغباته الجنسية المكبوتة، لذلك أصبح طعن الضحايا والتمثيل بجثثهم نمطا وعلامة فارقة لجرائمه الدموية في السنوات العشر التالية.
حين عثرت الشرطة على جثة الفتاة المشوهة بعد عدة أيام، أصبح تشيكاتيلو احد المشتبه بهم في قتلها، إذ كان هناك عدة أشخاص شاهدوه برفقتها قبل اختفاءها، كما عثرت الشرطة على اثر لحذاء ملطخ بالدم قرب منزله، وقد كاد المحققين يلقون القبض على تشيكاتيلو بتهمة قتل الفتاة، ولو فعلوا ذلك آنذاك لأنقذوا أرواح العديد من الضحايا الذين لاقوا حتفهم على يديه لاحقا، لكن الشهادة الزائفة التي أدلت بها زوجته فايينا وزعمت فيها بتواجده معها في المنزل ساعة وقوع الجريمة هي التي أنقذته في اللحظة الأخيرة ..
شهادة فايينا غيرت مسار التحقيق كله وجعلت المحققين يبحثون عن الجاني بعيدا عن منزل السفاح الحقيقي، فألقوا القبض على أحد أرباب السوابق في البلدة وقد اعترف الرجل المسكين تحت وطأة الضرب والتعذيب بقتل الفتاة فحكموا عليه بالسجن 15 عاما، ثم أعيدت محاكمته لاحقا بضغط من أقارب الفتاة القتيلة وحكموا عليه هذه المرة بالإعدام .. وفيما كان الرجل البريء يتلقى رصاصة الموت في رأسه – طريقة الإعدام في الاتحاد السوفيتي – كان الجاني الحقيقي ينام قرير العين مرتاح البال في منزله.
رغم إن تشيكاتيلو افلت من قبضة العدالة، إلا إن اشتباه الشرطة به والتحقيق معه في قضية إلينا زاكوتنزفا كان له دور كبير في توقفه عن القتل لمدة ثلاث سنوات، كما إن الشكاوي التي كانت تلاحقه آنذاك بسبب تحرشه بتلاميذه جعلته أكثر حذرا وأكثر انضباطا مع شهواته ورغباته الدونية. لكن تشيكاتيلو تحرر من كل قيوده مرة واحدة عام 1981 عندما ترك وظيفته كمدرس وعمل بائع تجهيز لدى احد المصانع، لقد أتاحت الوظيفة الجديدة لتشيكاتيلو فرصة ذهبية لممارسة جرائمه بحرية كبيرة، فعمله كان يتطلب الذهاب في رحلات يومية طويلة لتجهيز البضائع للمنازل، وهذه الرحلات المكوكية وفرت له الوقت الكافي لاصطياد وقتل ضحاياه وكذلك منحته عذرا وحجة غياب قوية للدفع ببراءته في حال اشتباه الشرطة به مرة أخرى.
ضحية تشيكاتيلو التالية كانت طالبة ثانوية عمرها 17 عاما أسمها لاريسا تكاجينكو، اصطحبها في 2 حزيران / يونيو عام 1982 إلى الغابة قرب ضفاف نهر الدون وحاول ممارسة الجنس معها لكنه فشل كالعادة فثارت ثائرته وهاجم الفتاة بعنف .. ضربها بقسوة وطرحها أرضا ثم ملء فمها بالتراب وأوراق الشجر لكي يخرس صرخاتها المرعوبة، ولأنه كان قد نسي إحضار السكين معه في ذلك اليوم فقد استعمل أسنانه القوية في قضم أجزاء من جسدها واستعان بعصا قوية في فتح بطنها واستخراج أحشائها ثم قام بأكل أجزاء من ثدييها وأعضاءها التناسلية.
في الأشهر الستة التالية قام تشيكاتيلو بقتل سبعة ضحايا آخرين، أصبح له نمط معين في اصطياد فرائسه البشرية والإجهاز عليهم، كان يبحث عنهم في محطات القطار ومواقف الباصات. طرائده من النساء كن غالبا من العاهرات اللواتي كان يغريهن بالخمر والمال. كان يصطحبهن إلى الغابة ويحاول أولا ممارسة الجنس معهن لكنه كان يفشل في ذلك دائما وهنا كان يصاب بالجنون، خصوصا إذا عيرته المرأة واستهزأت برجولته، كان مصيرها الموت لا محالة وبأبشع صورة.
أما ضحاياه من الأطفال والمراهقين فقد كانوا من الجنسين، غالبا من الفارين من منازلهم والمشردين، كان يغويهم بوجبة طعام حارة أو بقطعة حلوى أو بوعد بالمساعدة .. الخ وما أن يقعوا في الفخ ويخطو إلى داخل عرينه الدموي في الغابة حتى يطرحهم أرضا ويقوم بتقييدهم بالحبل ثم يتلذذ في إفراغ رغباته السادية على أجسادهم النحيلة المتعبة؛ لكن هذا لا يعني بالطبع أن جميع ضحايا تشيكاتيلو كانوا من العاهرات والمشردين، فقد كان هناك أيضا العديد ممن سقطوا في فخاخه المميتة بعد أن خدعوا بوعد كاذب في مشاهدة مجموعة من الطوابع النادرة أو الأفلام أو الكتب والمجلات.
كان تشيكاتيلو يحصل على لذته الجنسية عندما يقوم بطعن ضحاياه بالسكين والتمثيل بجثثهم، كان يستخرج أحشائهم ويقطع إطرافهم ويقتلع عيونهم أو يجذع أنوفهم ويأكل أجزاء من أجسادهم، لذلك صنفت جرائمه ضمن نطاق السادية والنيكروفيليا – ممارسة الجنس مع الجثث
في عام 1983 قام تشيكاتيلو بقتل خمسة ضحايا آخرين، ولأن جرائم القتل جميعها وقعت في محيط منطقة جغرافية واحدة، وكذلك لتشابه النمط والأسلوب المستعمل في القتل كقلع العيون واجتثاث الأعضاء التناسلية .. الخ .. قاد ذلك كله إلى قبول الشرطة السوفيتية لفكرة وجود قاتل متسلسل طليق، وربما تكون تلك هي المرة الأولى التي تعترف بها السلطات بوجود قاتل متسلسل في الاتحاد السوفيتي، فلعقود طويلة حرصت ماكنة الإعلام الحكومية على تصوير المجتمع السوفيتي كمجتمع مثالي خالي من الجرائم والموبقات التي كانت تنسب للمجتمع الغربي الرأسمالي فقط. وكانت هذه الصورة المثالية هي الوحيدة التي يسمح بعرضها عبر وسائل الإعلام من خلف ما كان يسمى آنذاك بالجدار الحديدي ..
لكن جرائم اندريه تشيكاتيلو كانت شرخا في جسم تلك الصورة المزيفة التي كان الكرملين يحاول تسويقها لشعوب العالم الأخرى .. ربما يكون شرخا صغيرا جدا .. لكنه ساهم في تمزيق الصورة تماما بعد سنوات قليلة فقط وقاد، إضافة إلى عوامل أخرى كثيرة، إلى الانهيار والسقوط المهول للمارد السوفيتي عام 1991.
شرطة موسكو شكلت فريقا بقيادة الرائد ميخائيل فيتيزوف وأرسلته إلى مقاطعة روستوف للتحقيق في الجرائم، وكعادة أجهزة الشرطة في الدول الفاشية فقد تم اعتقال الناس على الشبهات وبدون دليل، وشملت هذه الاعتقالات أعداد كبيرة من المرضى العقليين والمثليين وأرباب السوابق من المتحرشين بالأطفال، وتم استخدام أبشع وسائل التعذيب لأخذ اعترافات تؤكد اقترافهم للجرائم، لكن استمرار ظهور الجثث في مناطق متفرقة من المقاطعة أجبر الشرطة على إخلاء سبيل الجميع والإقرار بأن الجاني الحقيقي مازال حرا طليقا.
في عام 1984 أضاف تشيكاتيلو 15 ضحية جديدة إلى قائمة ضحاياه الطويلة، احد هؤلاء كان طفلا في العاشرة يدعى ديميتري بيتشنكوف شاهده العديد من الأشخاص يمشي مع تشيكاتيلو قبل اختفاءه، وقد أعطى هؤلاء الشهود أوصافا دقيقة للمجرم إلا إن الشرطة لم تتمكن من القبض عليه.
لكن في أيلول / سبتمبر عام 1984 قام احد المخبرين السريين باعتقال تشيكاتيلو عن طريق الصدفة بينما كان يحاول الإيقاع بإحدى السيدات في موقف للباصات، ولدى تفتيشه عثرت الشرطة على حبل وسكين في معطفه، لكن على الرغم من الإمساك به متلبسا وعلى الرغم من التشابه الكبير بين ملامحه وهيئته مع الأوصاف التي أعطاها الشهود للقاتل في قضية الطفل بيتشنكوف، إلا إن الشرطة لم توجه إلى تشيكاتيلو تهمة القتل وإنما أحالته إلى القضاء بتهمة السرقة من رب عمله السابق فتم الحكم عليه بالسجن لمدة سنة واحدة أمضى منها 3 أشهر فقط ثم أطلق سراحه.
لم يمضي سوى عدة أشهر على إطلاق سراحه حتى عاد تشيكاتيلو لممارسة هوايته المفضلة في اقتناص وقتل البشر، في إحدى المرات قام بقتل امرأة مع ابنتها المراهقة، وفي حادثة أخرى استدرج فتاة في 16 من العمر إلى شقة ابنته الخالية وقتلها هناك. لكن أكثر ما يميز جرائم تشيكاتيلو الأخيرة كان تفضيله للصبيان والمراهقين الذكور على الفتيات والنساء.
الشرطة التي أصابها اليأس لجأت عام 1985 إلى بروفيسور في الطب النفسي يدعى اليكساندر بوخانوفسكي ليساعدها في مهمتها العسيرة في القبض على السفاح. بوخانوفسكي درس جميع المعلومات التي تملكها الشرطة و وحلل جيدا جميع الأدلة التي جمعها المحققون من المواقع التي اقترفت فيها الجرائم؛ وقد خلصت دراسته إلى أن السفاح رجل يبلغ من العمر 45 – 50 عاما ويمتلك ذكاء متوسط، متزوج أو كان متزوجا في السابق، وهو نيكرو - سادي (2) يحصل على لذته الجنسية من مشاهدة ضحاياه يتعذبون حتى الموت ..
بوخانوفسكي توصل أيضا إلى استنتاج مهم، فبما إن اغلب جرائم القتل التي اقترفها السفاح وقعت بالقرب من المناطق المكتظة بالسكان، كمحطات القطار ومواقف الباصات، فالمرجح أن يكون عمل القاتل يتطلب منه التنقل بصورة مستمرة، كما إن وقوع اغلب الجرائم أثناء أيام العمل العادية يدل على أن القاتل لديه وظيفة مستقرة ومنتظمة.
الشرطة عممت الأوصاف التي حصلت عليها من البروفيسور بوخانوفسكي على جميع دوائرها، ونشرت مخبريها السريين في الأماكن المكتظة بالناس بحثا عن مشبوهين يحاولون التحرش والإيقاع بالنساء والمراهقين والأطفال. وقد أثارت تحركات وإجراءات الشرطة الأخيرة مخاوف تشيكاتيلو الذي كان يتابع باستمرار جميع ما يكتب عنه وعن جرائمه عبر الصحف المحلية، لذلك وضع شهوته ورغبته القاتلة تحت السيطرة وقلل من نشاطه الإجرامي بشدة خلال السنتين التاليتين، فلم يقتل أبدا في عام 1986 وقتل ثلاث مرات فقط عام 1987 وكانت معظم جرائمه تلك خلال رحلات عمل خارج مقاطعة روستوف، لذلك لم تربط الشرطة تلك الجرائم بالسفاح واعتقد المحققون بأنه ربما يكون قد أوقف نشاطه كليا أو مات.
لكن تشيكاتيلو خيب ظن الشرطة وعاد ليستأنف اقتناص وقتل ضحاياه في روستوف عام 1989، صحيح أن العدد كان قليلا، إلا إن أسلوبه المميز في القتل كان بمثابة رسالة واضحة إلى الشرطة في إن القاتل مايزال حيا يرزق.
أخيرا ... الوحش في قبضة العدالة
خلال عام 1990 أصبح تشيكاتيلو أكثر تهورا في اقتراف جرائمه، صار يقتل في أماكن قريبة جدا من المحطات التي يقتنص ضحاياه فيها، لقد كان قريبا جدا من الوقوع في قبضة الشرطة في مناسبتين إلا انه افلت في اللحظة الأخيرة، لكن الحظ لم يكن إلى جانبه في 6 تشرين الثاني / نوفمبر عام 1990، ففي ذلك اليوم قام تشيكاتيلو بقتل فتاة شابة في الثانية والعشرين من عمرها تدعى سفيتا كوروستيك ومثل بجثتها في الغابة القريبة من إحدى محطات القطارات التي كانت خاضعة لمراقبة مستمرة من قبل الشرطة، احد المخبرين شاهد تشيكاتيلو وهو يهم بمغادرة الغابة وانتبه إلى وجود بقع طينية وبقايا أوراق وحشائش على معطفه القديم، كما كانت هناك لطخة حمراء صغيرة على وجنته. المخبر أوقف تشيكاتيلو لبرهة ودقق في بطاقته الشخصية ثم تركه يذهب لعدم وجود سبب قانوني لاعتقاله، لكنه لم ينسى تسجيل اسم تشيكاتيلو الكامل وعنوانه وخلاصة لتصرفاته المشبوهة في ذلك اليوم.
في 13 من الشهر ذاته اكتشفت الشرطة جثة سفيتا، وأثناء مراجعة تقارير المخبرين المتواجدين بالقرب من ساحة الجريمة اطلع المحققون على تقرير المخبر السري الذي أوقف تشيكاتيلو وسجل اسمه في يوم الحادثة، لم يكن الاسم غريبا عليهم إذ تذكر بعضهم بأن الرجل كان قد اعتقل عام 1984 بسبب تحرشه بإحدى السيدات في موقف للباصات، كما كان اسمه ضمن قوائم المشتبه بهم بجرائم القتل عام 1987، ولدى مراجعتهم لسجله الوظيفي اكتشفوا عدة تقارير عن تحرشه بتلاميذه عندما كان يعمل مدرسا قبل عقد من الزمان.
في 14 من الشهر ذاته تم وضع تشيكاتيلو تحت المراقبة المستمرة على مدار الساعة، شاهده المخبرون السريون وهو يحاول التقرب والتحدث من الفتيات الشابات والمراهقين في محطات القطار ومواقف الباصات، غالبا ما كانت محاولاته فاشلة لأن معظم الذين كان