لعشاق القصص المثيرة والغامضة جئنا لكم فى موقعنا المتميز صفحة بمجموعة متميزة من القصص المرعبة والتى تحتوى على الكثير من التفاصيل المثيرة والشيقة ومنها تلك القصص قصة غيل دي ريز سفاح القرون الوسطى لنتعرف سويا على تفاصيل القصة :
ولد غيل دي ريز (Gilles de Rais ) عام 1404 ميلادية في إحدى القلاع القديمة قرب مدينة نانت الفرنسية , و منذ نعومة أظافره تميز على أقرانه و أترابه بالذكاء و الوسامة , إضافة إلى نبالة المحتد و ثراء العائلة , لهذا أولاه والده عناية كبيرة فجلب له أفضل المعلمين و انفق في سبيل ذلك الكثير من الجهد و المال , فشب الفتى شاعرا يقرض الشعر بالفرنسية و اللاتينية بطلاقة يحسده عليها الكبار , و صار كاتبا بارعا أبدع في نسخ المخطوطات و زخرفتها , كما أحب الموسيقى و تعلم العزف على آلاتها , و فوق هذا كله , أبدى بسالة و شجاعة في تعلم الفروسية و فنون الحرب و القتال , و أمام كل هذه المواهب التي قلما اجتمعت في شخص واحد في ذلك الزمان توقع أساتذته أن يكون له شأنا كبيرا في فرنسا في قادم الأعوام , لكن الحياة و كما تعلم عزيزي القارئ قلما تكون كاملة و خالية من المنغصات , و قد عاجلت الصبي غيل بأول مصائبها في سن مبكرة , ففي عام 1415 توفى والداه فأنتقل مع أخاه الأصغر للعيش مع جده العجوز الذي لم يكترث كثيرا لمواهب الصبي الفذة و لكن اهتمامه كان موجها بالدرجة الأولى نحو المال و الثروة , لذلك اخذ يعد الخطط من اجل تزويج الصبي غيل بفتاة من عائلة ارستقراطية غنية لكي يزيد من ثروة العائلة , و بعد عدة محاولات فاشلة تكللت جهود الجد العجوز أخيرا بنجاح كبير عندما استطاع تزويج حفيده الشاب من فتاة غنية تدعى كاثرين دي ثوريز كان مقدرا لها أن ترث أمولا طائلة من عائلتها في المستقبل.
في شبابه انخرط غيل دي ريز في الحياة العسكرية مثل اغلب الشباب المتحدرين من العوائل النبيلة في ذلك الزمان , و قد ساهم عهده المضطرب و الأحداث الجسام التي عاصرها في إظهار شجاعته و براعته العسكرية , ففي تلك الفترة كان جزءا كبيرا من الأراضي الفرنسية محتلا من قبل الانجليز فيما يعرف بحرب المائة عام (1) , و قد شارك غيل دي ريز في تلك الحرب و اظهر بسالة و شجاعة كبيرة في القتال و خاض بعض المعارك المصيرية إلى جانب جان دراك ضد المحتلين الانجليز , و في عام 1429 تم اختياره مع ثلاثة فرسان نبلاء آخرين لجلب العلم الفرنسي القديم من إحدى الكنائس إلى حفلة تتويج شارلز السابع ملكا لفرنسا , و قد نجح غيل دي ريز و زملائه في مهمتهم فتم تعيينه برتبة مارشال و هي أعلى رتبة عسكرية فرنسية.
بعد وفاة جده عام 1432 ابتعد غيل عن الحياة العسكرية و عاد إلى قلعته ليمارس هواياته العديدة و التي كان المسرح احدها و أقربها إلى نفسه , إذ ألف مسرحية ضخمة تجاوز عدد شخصياتها الخمسمائة و انفق أموالا طائلة في إخراجها إذ لم يكتف غيل في إغداق الأموال على الممثلين و ملابسهم و الديكورات .. الخ
و لكنه انفق أيضا مبلغا كبيرا على تقديم الطعام و الشراب المجاني لمشاهدي مسرحيته , و قد أدى هذا الإسراف و التبذير الغير عقلاني إلى ضياع اغلب ثروته مما أضطره إلى بيع قسما كبيرا من أراضيه من اجل الحصول على المزيد من المال كما استدان مبالغ أخرى من عدد من الأشخاص , و قد دفع هذا الإسراف عائلته إلى كتابة رسالة لملك فرنسا مطالبين بالحجر عليه قبل أن يضيع ثروة العائلة كلها , و قد استجاب الملك فأصدر إرادة ملكية منع بموجبها جميع رعاياه من المواطنين الفرنسيين من الدخول في أي معاملة تجارية مع غيل دي ريز , و أدى صدور هذه الإرادة الملكية إلى الإفلاس السريع لغيل إذ سرعان ما تهافت عليه الدائنين مطالبيه برد أموالهم مما اضطره إلى مغادرة مدينة اورليانز و الالتجاء الى إحدى قلاعه القريبة من بلدة ماكيكول الفرنسية , وهناك تعرف إلى شخص غريب الأطوار يدعى فرانسيسكو بريلاتي تمكن من إقناعه بأنه يمتلك القدرة على إرجاع ثروته و أمواله عن طريق السحر و الشعوذة , و اخبره أن الأمر يتطلب قتل عدد من الأطفال لتقديمهم كقرابين بشرية إلى جني أو عفريت يدعى (بارون) , و هكذا بدئت أول الجرائم التي اقترفها غيل دي ريز و كان أول الضحايا صبي في الثانية عشر من العمر دخل إلى قلعة غيل و لم يره احد بعد ذلك أبدا.
لسنوات طويلة استمر غيل دي ريز في ممارسة جرائمه بمساعدة اثنان من خدمه احدهما يدعى هنريت و الثاني اسمه باتوه , و مع ازدياد عدد الضحايا ازدادت الأقاويل أيضا عن الأطفال الذين كانوا يتوجهون إلى قلعة غيل دي ريز , عادة من اجل التسول و طلب الطعام , و الذين كانوا يختفون و لا يعثر لهم على اثر , كان الضحايا من الجنسين مع أن غيل كان يفضل الصبيان , و رغم أن العديد من عوائل الأطفال المفقودين كانوا يتهامسون سرا حول علاقة غيل دي ريز باختفاء أطفالهم إلا أن أحدا منهم لم يجرؤ على توجيه الاتهام له بشكل صريح خوفا من سطوته و نفوذه و لانتمائه إلى الطبقة النبيلة التي كانت فوق القانون في تلك الأيام , لكن في عام 1440 وقعت حادثة أدت إلى تحول الهمس و الشائعات إلى اتهام علني , ففي تلك السنة تشاجر غيل دي ريز مع احد القساوسة و اعتدى عليه و هو الأمر الذي دفع الكنيسة , التي كانت هي السلطة العليا في أوربا يوم ذاك , إلى فتح تحقيق حول الإشاعات التي كانت تحوم حول غيل دي ريز و قد شجع هذا التحقيق الكنسي اباء الأطفال المفقودين إلى تقديم شكاويهم ضد غيل و اتهامه بشكل رسمي باختطاف أطفالهم , و توج هذا التحقيق بتمكن أسقف مدينة نانت من الحصول على موافقة دوق مقاطعة بريتني (2) في إلقاء القبض على غيل دي ريز و مساعديه و الزج بهم في السجن لغرض الحصول على اعترافاتهم , و في ذلك الزمان عزيزي القارئ , إي قبل أكثر من ستمائة عام , كان أسلوب التحقيق مع المجرمين في أوربا شبيها بالأساليب التي تتبعها اليوم بعض الحكومات العربية في التحقيق مع مواطنيها , أي بالاعتماد على أسلوب الشتم و الضرب و ممارسة شتى أنواع التعذيب الوحشي بحق المتهمين من اجل الحصول على اعتراف , و لأن غيل دي ريز كان يعلم ما ينتظره في غرفة التحقيق , لذلك قرر تفادي العذاب الأليم و الاعتراف بجميع جرائمه , و قد سببت اعترافاته صدمة و ذهولا حتى للجلادين الذين كانوا معتادين على قطع الأعناق البشرية , لقد كانت جرائمه وحشية و سادية إلى درجة أن قضاة المحكمة شطبوا قسما من اعترافاته لفظاعتها.
لقد اعترف غيل دي ريز بأنه و بمساعدة بعض خدمه كان يغري الأطفال الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين السادسة و السادسة عشر على الدخول إلى القلعة , في البدء كانوا يلبسون الطفل المسكين ثياب نظيفة و جميلة لم يحلم في عمره بارتداء مثلها (جميع الضحايا كانوا أطفال فقراء) ثم يقيمون له حفلة كبيرة و يضعون أمامه ما لذ و طاب من المأكولات و كانوا يحرصون على أن يقدموا له مشروبات منبهة لكي لا يفقد وعيه في المرحلة الثانية من السهرة التي تبدأ بعد الوليمة حيث يصطحبون الطفل إلى غرفة منعزلة في أعلى القلعة , هناك كان الطفل المسكين يكتشف الوجه الحقيقي المرعب لخاطفيه , في البداية كانوا يخلعون عنه ملابسه ثم يربطوه بحبال متدلية من سقف الغرفة لكي لا يقاوم و لا يصرخ , بعدها يقوم غيل دي ريز بالاعتداء على الصبي (أحيانا الفتاة) بالاستمناء على بطنه أو فخذه و كانت هذه العملية الشاذة هي قمة اللذة و المتعة بالنسبة إليه , و بعد ان يفرغ من الاستمناء يقوم بفك الطفل المرعوب من الحبال و يقنعه بأنه كان يمزح معه حتى يتوقف عن البكاء , كانت هذه العملية , أي مفاجأة الأطفال هي من أكثر الأمور الممتعة بالنسبة إلى غيل فما أن يتوقف الطفل عن البكاء و يعتقد انه في أمان حتى يتم قتله بطريقة وحشية على يد غيل او احد مساعديه , كانوا أحيانا يحزون رقبته و أحيانا أخرى يقطعون يديه و رجليه و يتركوه لينزف حتى الموت , و بينما كان الطفل المسكين يحتضر كان غيل يتمتع بالجلوس على بطنه و التحديق إلى تعابير الألم و الخوف المرتسمة على وجهه , و بعد ان يموت الطفل كان غيل يتلذذ بفتح بطنه و إخراج أحشائه بيديه و أحيانا كان يقوم بقطع أعضائه التناسلية ليستمني بها و تستمر هذه العملية حتى تبرد الجثة تماما عندها يقوم مساعدوه بحرق جثة الطفل و ملابسه في الموقد حتى تتحول الى رماد.
في التاسعة صباحا من يوم 25 تشرين الأول / أكتوبر 1440 ترجل غيل دي ريز مع مساعديه هنريت و باتوه من عربة المحكومين بالموت في إحدى ساحات مدينة لا دي بيس الفرنسية حيث تقرر تنفيذ حكم الإعدام بهم , و قبل تنفيذ الحكم به ألقى غيل دي ريز خطبة مؤثرة بالحشود التي أتت لمشاهدة إعدامه , موجها كلامه بشكل خاص إلى أباء و أمهات ضحاياه مطالبا إياهم بمسامحته و طلب المغفرة له ثم ارتقى إلى منصة الإعدام حيث تم شنقه و إشعال النار تحت جثته لكنها سحبت من النار قبل احتراقها بسبب انتمائه الى الطبقة النبيلة أما مساعديه فقد شنقوا و أحرقت جثثهم و نثر رمادهم.
كان المارشال غيل دي ريز في سن السادسة و الثلاثين عند إعدامه و لم يكن له سوى ابنة واحدة اسمها ماري , أما ثروته فقد صادرها دوق بريتني و وزعها بين النبلاء في مقاطعته , و رغم أن اغلب المؤرخين و الباحثين يتفقون على ان غيل دي ريز كان مجرما و قاتلا يعاني من أمراض و اضطرابات نفسية خطيرة إلا إن هناك قلة ممن يعتقدون أن التهمة التي وجهت إليه كانت ملفقة من قبل الكنيسة لغرض مصادرة أراضيه لكن هذا الاعتقاد لا يصمد أمام حقيقة ان الكنيسة كانت تعلم جيدا بأنها لن تحصل على أي شيء من تركة غيل دي ريز لأن العرف و القانون في ذلك الزمان كان يقضي بتحويل أملاك النبلاء المجرمين إلى الملك أو إلى حاكم المقاطعة كما أن أوراق المحاكمة و شهادة عوائل الضحايا لازالت موجودة و موثقة , لذلك فالرأي الراجح هو ان غيل دي ريز كان يعاني من أمراض نفسية خطيرة , فمن ناحية كان نبيلا و فنانا و بطلا شجاعا و متدينا ورعا لأغلب فترات حياته و من ناحية أخرى كان قاتلا و مجرما ترك بصمة لا تنسى في بهو القتلة المتسلسلين.
في الختام ينبغي ان نذكر ان عدد ضحايا غيل دي ريز لا يعرف على وجه الدقة , لكن المؤرخين يعتقدون ان العدد الكلي يتراوح بين 100 – 800 ضحية اغلبهم من الصبيان قتلهم على مدى عشرة أعوام.
1 – حرب المائة عام (Hundred Years War) : هي حرب استمرت لأكثر من قرن (1337 – 1453) بين فرنسا و انكلترا , كان سبب نشوب هذه الحرب هو ادعاء ملوك انكلترا بأحقيتهم في اعتلاء العرش الفرنسي , و قد تمكن الانكليز في بداية الحرب من إلحاق الهزيمة بالفرنسيين و احتلوا أجزاء واسعة من التراب الفرنسي , و استمرت هذه الحروب لعقود طويلة تخللها فترات متقطعة من السلام , و أدى شعور الفرنسيين بالخزي و المهانة بسبب الاحتلال الانكليزي و إحساسهم بضعف و تخاذل ملوكهم إلى ظهور مقاومة فرنسية وطنية استلهمت قوتها من فتاة ريفية بسيطة تدعى "جان دارك" حاربت الانكليز ببسالة و انتصرت عليهم في عدة معارك حتى سقطت أسيرة عام 1430 فتمت محاكمتها بتهمة الإلحاد و ممارسة السحر و أحرقت حية عام 1431 و هي في سن التاسعة عشر فتحولت في نظر الشعب الفرنسي إلى شهيدة و قديسة.
2 – بريتني (Brittany) : هي مقاطعة تقع إلى الشمال الغربي من فرنسا كانت في السابق دوقية تابعة للعرش الفرنسي , و لعلك تلاحظ عزيزي القارئ التشابه بين اسم المقاطعة و كلمة "بريطانيا" و السبب في ذلك يعود إلى أن المجموعة العرقية التي تعيش في هذه المقاطعة و اسمها البريتون او البريطون (Breton) ترجع في جذورها إلى قبائل هاجرت من بريطانيا إلى الجزء الشمالي الغربي من فرنسا في القرن الرابع الميلادي , و للبريتون لغتهم الخاصة التي تتشابه مع لغة سكان ويلز و ايرلندا و الذين يرجعون بأصولهم إلى شعوب الكلت (Celts).