ان روح التفائل والنضال تظل داخل الانسان مهما احيط بة من اعباء وظروف قهرية قد تحبطة وتدخلة فى دوامة الاكتئاب ولكن الانسان المتفائل الصامد هو من لا يتأثر بالبيئة المحيطة بل يصنع سعادة بداخلة حتى يقهر الظروف الخارجية بأرادة حديدية تصنع المستحيل:
خلال حكم نابليون الثالث أمرت الحكومة الفرنسية بنفي فيكتور هوجو -كاتب فرنسا وأديبها وفيلسوفها الشهير- بتهمة الانشقاق على الحكم، والدعوة إلى الحرية التي خنقوها!
قضى هوجو في منفاه 15 عاما -من 1855 حتى عام 1870- حتى ابيضّ شعره؛ ووهن عظمه, واشتد به الحنين إلى بلده، فمضى يقتل الأيام في القراءة، وسجّل فيها أعظم إبداعاته.
شاهدوه يوما على شاطئ الجزيرة التي نفوه إليها يجلس وحيدا.. وقد أمسك في يديه مجموعة من الأحجار الصغيرة.. وقد راح يلقي بها الواحدة تلو الأخرى في مياه البحر المتلاطمة على حوافّ الصخرة التي يجلس عليها..
فاقترب منه غلام، وسأله:
يا سيدي.. لماذا تأتي إلى هذا المكان بالتحديد؟ ولماذا تلقي بهذه الأحجار الصغيرة في الماء؟
فنظر الكاتب إلى محدثه الصغير؛ وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة، وقال: “أحجار!! أي أحجار تلك التي تتحدث عنها يا بنيّ؟ إنها ليست أحجارا كما تبدو في ظاهرها.. إنها آلامي ومتاعبي.. وأنا أحاول أن أغرقها في مياه البحر؛ لكي أخلّص نفسي مما أنا فيه”.
كثيرا ما تواجهنا في حياتنا مشكلات وصعاب تسيطر على تفكيرنا, وتحتل كل الأركان الجميلة في قلوبنا, فتحيلها إلى ثكنات عسكرية, وأرض حرب ترتفع فيها درجة الطوارئ, لتفارقنا الراحة والسكينة إلى حين.
ساعتها.. تتوقف عجلة الحياة عن الدوران, ونرهن سعادتنا بالتخلص من تلك المشكلة, لذلك نطيل النظر فيها, ونقلّب أبصارنا في الحلول التي يمكن أن نسلك طريقها, ويطول تفكيرنا, وتأخذنا الوساوس والظنون إلى كل مذهب, ولا يهنأ لنا طعام, وتخاصم الابتسامة شفاهنا.. وتطاردنا الوساوس..
الواقع أن جميع المشكلات التي تواجهنا يمكننا التعامل معها بمنطق بسيط للغاية.. نعم بمنطق بسيط.. لكنْ قليل من يفوز به. فمهما عظمت مشاكلنا يجب أن نقابلها بقلب مطمئنّ, وإيمان راسخ بأن هناك إلها في السماء يدبّر ويدير شئون الكون.
والتسليم لله يتطلب منا أولا أن نتدبر قليلا في المشكلة, ونتخذ فيها الحلول الممكنة, وبعدها نترك الأمر كله لله, ولا نطيل النظر في المشكلة, وهذا هو لبّ القضية, لا نطيل النظر فيها.. وفي هذا المعنى كتب أستاذنا عبد الوهاب مطاوع كلمة في منتهى الروعة: “ليست المشاكل والصعاب التي تصنع شقاء الإنسان، وإنما مدى إحساسه بها”.
وهذا ما فعله فكتور هوجو.. فلم يحمل معه أحزانه في كل مكان حلّ به, وإنما حرص على التخلص منها وألقاها في البحر, حتى تستمر الحياة, ويقدّم للبشرية ما يفيدها.
فى النهاية نتمنى ان تكونوا قد استفدتم معنا فتابعونا حتى يصلكم كل جديد ومفيد وصحى.