وهكذا هم المخلصون لا يهمهم ان يعرفهم الناس يكفيهم ان الله يعرفهم هذة هى ملخص قصتنا الفارس المغوار والعهد:
كان يقبع فى محبسه والاغلال في قدمه ويكاد قلبه ان ينفطر وهو يسمع صليل السيوف وسهيل الخيول وصيحات الابطال .. وهو من هو .. هو الفارس الذي لا يشق له غبار .. هو البطل المقدام !!
ومن ثم ان تلك المعركه تحتاج لمن هو مثله .. فتحسر قلبه وندم على ما كان منه واخذ يقول :
كفى حزنا أن تدخل الخيل بالقنى وأترك مشدودا علي وثاقيا
إذا قمت عناني الحديد وغلقت مصاريع دوني تصم المناديا
يُقَطِّع قلبي حسرةً أن أرى الوغى ولا سامعٌ صوتي ولا من يَرَانيا
وأن أشهدَ الإسلام يدعو مُغَوِّثاً فلا أُنجدَ الإسلام حينَ دعانيا
ثم نادي على زوجة سعد بن ابى وقاص وطلب منها ان تفك قيوده وتعطيه فرس سيدنا سعد وكانت تدعى البلقاء وتتركه ليجاهد في سبيل الله .. ووعدها ان يأتى فى اخر الليل ليضع قدمه فى القيود مره اخرى !!
فرفضت سلمى .. فسمعته يبكى بحرقه ويقول :
سُلَيْمى دعيني أروِ سيفي من العدا فسيفيَ أضحى وَيْحَهُ اليومَ صاديا
دعيني أَجُلْ في ساحةِ الحربِ جَوْلَةً تُفَرِّجُ من همّي وتشفي فؤاديا
فرقت سلمى لحاله .. ثم استخارت الله
وقالت له : إني استخرت الله ورضيت بعهدك ثم أطلقته !! فارتدى درعه ثم تلثم حتى لا يعرفه احد ثم امتطي البلقاء .. وكأنى به يصرخ ويقول :
الان الان جاء القتال فانطلق كالريح التى لا يقف فى طريقها شىء .. ثم توجه الى الميسره فقاتل قتالا شديدا واصبحت الرؤوس تتطاير واللحوم تتقطع وفعل فى الفرس ما لم يفعله العرب .. فتعجب منه المسلمون قبل الفرس فهم لا يعرفون من هذا الفارس الملثم الذى ظهر فجأه !!
ثم اتجه الي الميمنه وفعل بالفرس الافاعيل فتعجبوا منه كثيرا من هذا الذى ظهر بيننا فجأه وهو بكل هذه القوه واين كان منذ البدايه !!
ثم ترك الميمنه وتوجه الى قلب الجيش وهو يقاتل قتالا عجيبا قتالا لا تعرفه العرب وكل ما توجه الى مكان فى ارض المعركه تعجب من بجوراه .. من هذا من هذا !!
وكان المسلمون من شدة تعجبهم يقولون : واللهِ لولا أنا لا نرى الملائكة لقلنا : ملك يثبتنا !!
وحق لهم ان يقولوا ذلك لان هذا هو التفسير الوحيد لما شاهدوه فى المعركه من ابى محجن !!
وكان سيدنا سعد مريض فى هذا اليوم فكان يراقب المعركه من اعلى القصر .. فكان يشاهده وهو يفعل كل هذا .. فتعجب سيدنا سعد وقال : سبحان الله .. الضبر ضبر البلقاء .. والطعن طعن أبي محجن !!
ثم يقول : والله لولا حبسُ أبي محجن، لقلت : أبو محجن ، وقلت : البلقاء !!
ولما انتهى اليوم عاد الى محبسه وربط الفرس فى مكانها ثم ادخل قدمه فى القيود وكأن شيئا لم يكن ,وفى اليوم التاني ذهبت ( الزوجه الامينه ) الى زوجها واخبرته بما حدث منها فغضب سيدنا سعد ثم سامحها وسامحه .. واطلقه فى ارض المعركه !!