الجاسوسة حكمت فهمى حيث دئما مصالح الدول تتشابك فيما بينها مما يحتاج معها الى تجنيد جواسيس فى الدول الاخرى لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب الدول المخترقة ولذلك نجد ان الجاسوسية منتشرة بين جميع الدول منذ فجر التاريخ نجد الكثير من القصص التى اكتشفت وما خفيا كان أعظم بالطبع ومن قصص عملاء الموساد فى اختراق وطننا العربى قصة الجاسوسة حكمت فهمى:
ولدت في ٢٤ نوفمبر عام ١٩٠٧ بدمياط ، عملت كممثلة في فرقة علي الكسار ثم كراقصة في فرقة بديعة مصابني و لُقبت بسلطانة الغرام كان معروف عنها علاقتها القوية بضباط القوات البريطانية من خلال ترددهم على الملهى الذي كانت ترقص فيه ، لظروف الحرب سافرت لأوروبا.
البدايه :
الكاتب الصحفي محمود صلاح يكشف لنا من خلال كتابه السادات و الجاسوس العلاقات المتشابكة ما بين حكمت فهمي و المخابرات الألمانية
بداية علاقة الراقصة حكمت فهمي بالجاسوس الألماني حسين جعفر أبلر كانت داخل أحد النوادي الليلية بالنمسا التي كانت ترقص فيها حكمت فهمي عندما قدم لها حسين جعفر نفسه علي أنه طالب مصري و استطاع أن ينسج خيوط شباكه حولها بحكمة حتى وقعت في غرامه ليختفي من حياتها فجأة ودون مقدمات.
عندما نشبت الحرب العالمية الثانية عادت حكمت فهمي إلى مصر لترقص في ملهي الكونتيننتال دون أن تعلم أنه قد تم تجنيدها ضمن جهاز المخابرات الألماني من خلال العلاقة التي نسجها حولها حسين جعفر كان رئيس المخابرات الألمانية قد شاهد حكمت فهمي وهي ترقص في النمسا، فدعاها للرقص أمام هتلر ووزير دعايته جوبلز في ألمانيا و عندما شاهدها جوبلز أعطى تعليماته بتجنيدها لصالح الألمان الذين كانوا يعرفون حجم شعبيتها لدى كبار الضباط الإنكليز في مصر.
ولم تكن حكمت فهمي تعلم أن علاقتها مع حسين جعفر أو الضابط الألماني أبلر سوف تجمعها مع السادات في أكبر قضية تجسس في ذلك الوقت، يكشف الكاتب حقيقة حسين جعفر فهو من أب و أم ألمانيين، انفصل كلاهما عن الآخر، و كانت الأم تعمل بمدينة بور سعيد و التقت بمحام مصري تزوجها وتبنى الطفل، و أطلق عليه حسين جعفر عندما سافر إلى ألمانيا التقطته المخابرات الألمانية و تم تجنيده لإتقانه العربية، و كانت أول المهام التي أوكلت إليه هي نسج علاقة غرامية مع الراقصة حكمت فهمي تمهيداً لتجنيدها وعندما حاولت المخابرات الألمانية زرع جاسوس ألماني في قلب القاهرة لم يكن أمامها سوى حسين جعفر أو إبلر وكانت مهمته تتلخص في الحصول على الخطة البريطانية، و أين سيركزون دفاعاتهم، وعدد القوات البريطانية ونوعها، ومدى تعاون الجيش المصري معهم إذا بدأت المعركة؟
تمكن إبلر من دخول القاهرة عبر عملية اختراق للصحراء في الملابس العسكرية للجنود البريطانيين وعلى مشارف أسيوط استبدل ملابسه هو وزميله مونكاسترن و استكملوا الرحلة بعد عدة مغامرات، حتى وصلا إلى القاهرة لتنفيذ مهمتهما، بينما كانت قوات روميل تقف على أعتاب العلمين بعد عدة انتصارات حققها على جيش الحلفاء.. وعند وصولهما إلي مشارف أسيوط تنكر إبلر في صورة ضابط بريطاني، ومونكاستر في شخصية سائح أميركي ، وتحت هاتين الشخصيتين تمكن إبلر وزميله من دخول أحد المعسكرات البريطانية بل إن قائد المعسكرات أخذهما بسيارة عسكرية لتوصيلهما إلى أسيوط.
عندما وصلا إلى القاهرة نزلا في فندق شبرد ليبدأ أول اتصال بينهما والمخابرات الألمانية، ليعلنا الاستعداد لبدء العملية ، و في ملهي الكيت كات يلتقي إبلر مع حكمت فهمي مرة ثانية، لتؤكد له حكمت فهمي كراهيتها للإنكليز ، ليكشف لها عن شخصيته، و عن مهمة التجسس التي كلفه بها قائده روميل ، و أبدت حكمت فهمي استعدادها للتعاون مع الألمان و استأجرت له عوامة قريبة من عوامتها و عندما صعد إبلر لتركيب إريال اللاسلكي هنا لاحظ وجود جندي بريطاني على سطح عوامة الميجور البريطاني المجاور لهما فباغته بطلب المساعدة قبل أن يفكر في أي شيء.
و خلال ايام قليله استطاع إبلر ان يوثق علاقته بالميجور البريطاني دون أن يتسلل إليه الشك بأن هذا الشاب المصري حسين جعفر هو نفسه الجاسوس الألماني إبلر.
عندما تقدمت جيوش القائد الألماني روميل إلى ليبيا في عام ١٩٤٢ شعر الإنكليز بأن الرأي العام المصري ضدهم، و في محاولة منهم لإرضاء الشعب المصري حاصروا قصر الملك فاروق بعد رفضه تكليف مصطفى النحاس بتشكيل الوزارة واجبروا الملك على تكليف النحاس بتشكيل الوزارة و رغم ذلك خرجت المظاهرات تهتف في شوارع القاهرة إلى الأمام يا روميل!
عندما تم القبض على الجاسوسين الألمانيين اللذين يستقبلان الرسائل من القاهرة قررت المخابرات الألمانية عدم الرد علي إبلر و صديقه مونكاستر، حتى اعتقد إبلر أن جهاز اللاسلكي أصابه عطل مفاجئ، و طلب المساعدة من حكمت فهمي مساعدته عبر شخص تثق به، لإصلاح الجهاز، حتى يتمكن من إتمام عملية التجسس.
و تمكنت حكمت فهمي من الوصول إلى الضابط المصري أنور السادات، عبر صديقه حسن عزت، فوافق على الفور علي إصلاح الجهاز والتعاون مع الألمان نظراً لكراهيته للإنكليز و محاولاته للتواصل معهم سابقاً فعندما سقطت العلمين في يد الألمان، أرسل السادات ضابطاً مصرياً إلى القائد الألماني روميل ليخبره بأن التنظيم السري للضباط المصريين على استعداد للمشاركة في الحرب إلي جانب الألمان ضد الإنكليز، مقابل أن تنال مصر استقلالها، و أقلعت طائرة بالضابط المصري إلا أن الألمان أسقطوها.. وكان السادات في ذلك الوقت يعمل بسلاح الإشارة في الجبل الأصفر، و ذات يوم جاءه زميله حسن عزت وأخبره بمفاجأة أن ضابطين من الجيش الألماني يطلبان مساعدته، لتبدأ علاقة السادات مع أغرب قصة جاسوسية أبطالها ضابطان ألمانيا وراقصة مصرية..
بلا تردد ذهب معها إلى عوامة إبلر لإصلاح الجهاز المعطل، و تأكد السادات أن الجهاز معطل و لا يمكن إصلاحه، إلا أن إبلر قدم له جهازاً أميركياً آخر كان قد حصل عليه من سفارة سويسرا التي كانت ترعى شئون الألمان في مصر، إلا أنه لا يعرف كيفية تشغيله، و اكتشف السادات أن الجهاز بدون مفاتيح، واقترح السادات أن يشغله بمفاتيح مصرية الصنع يقوم هو بتركيبها.
حمل السادات الجهاز في حقيبته متجهاً إلي بيته في كوبري القبة، بينما استمر إبلر في نشاطه بجمع المعلومات من داخل النوادي الليلية التي يسهر فيها الضباط والجنود الإنكليز حتى تسرب الشك إلى أحدهم و لكنه عندما قام للإبلاغ عنه، وهو يرتدي الملابس العسكرية الإنكليزية شعر إبلر بالخطر و فر هارباً، إلا أن المخابرات الإنكليزية بدأت منذ تلك الليلة تتبع أثره
و داخل ملهى الكيت كات التقت حكمت فهمي بالميجور سميث المتيم بها، وفي تلك الليلة تمكنت حكمت فهمي من الحصول منه علي معلومات ثمينة، عندما صارحها أنه مسافر إلي ميدان الحرب علي الخطوط الأمامية، وعلي الفور ألغت حكمت فهمي رقصتها لتقضي السهرة معه في عوامتها، وهناك دست له المخدر في كأس الويسكي لتحصل منه علي أخطر تقرير، يتضمن كافة المعلومات التي يبحث عنها إبلر، فهرولت إليه ومنحته التقرير الذي يحتوي على كافة المعلومات عن القوات النيوزيلندية، و وحدات من جنوب أفريقيا، و أستراليا، بالإضافة إلي وحدة أخرى قوامها ٥ آلاف جندي كانت سترسل إلى الإسكندرية، و ٢٥٠٠ لغم لتعزيز الخط الدفاعي، و تركيز الدفاع في العلمين نفسها وليس على بعد عدة أميال كما كان يعتقد روميل.
عند عودة إبلر إلى زميله مونكاستر فوجئ به في حالة اضطراب شديد، و هو يخبره أن صديقيهما الجاسوسين اللذين يتلقيان إشارتهما تم القبض عليهما في السجون البريطانية، وطلبت منهما المخابرات الألمانية في تلك الليلة عدم إرسال سوى المعلومات الهامة و في الثانية عشرة مساءً تحديداً.
و في تلك الليلة خرج إبلر وصديقه إلى ملهى الكيت كات، ليلتقيا هناك بالميجور ألفريد وليامز سانوم أخطر رجال المخابرات العاملين في قوات الحلفاء في الشرق الأوسط!!
والذي قدَّم نفسه لهما على أنه عمر بك الرجل الثري الوجيه، ولم يخطر في بال رجل المخابرات في ذات الوقت أنه يجلس إلى جوار أخطر جاسوس ألماني تبحث عنه المخابرات البريطانية ومخابرات قوات الحلفاء، وفي تلك الليلة علمت الراقصة إيفيت الجاسوسة اليهودية: أن المخابرات الإنكليزية تبحث عن جاسوس ألماني في القاهرة، فأبلغت قادتها ورجحت لهم أن يكون هو ذاته حسين جعفر، وعندما ذهبت إلي عوامته عثرت عليه في حالة غير طبيعية داخل عوامته وعندما دخل إبلر إلى إحدى الغرف الجانبية من العوامة، تنامي إلى سمع إيفيت حواراً باللغة الألمانية بين إبلر وصديقه مونكاستر، حول استخدام جهاز الإرسال، وكذا المعلومات الخطيرة التي بحوزتهم، وهنا تأكد لها أنه الجاسوس الذي تبحث عنه المخابرات البريطانية.
وحاول إبلر خنقها وهو يحدثها بالألمانية، ليعرف ما إذا كانت تفهم ما يقوله أم لا، و تظاهرت إيفيت بأنها لا تفهم حديثه لها، وعندما تأكد أنها لا تفهم الألمانية، استدار إلى صديقه مونكاستر مؤكداً له أنها لا تفهم ما دار بينهما في الداخل، ثم وضع إبلر يده في جيبه ومنحها رزمة من الجنيهات الإسترلينية وقضي معها ليلته.
وعندما عادت إيفيت بتلك المعلومات إلي قادتها، ثم إخطار المخابرات البريطانية، ومكاشفتهم بأنهم يبحثون عن جاسوس ألماني، وأن الوكالة لديها كافة المعلومات عنه، وقدم له الدليل من الجنيهات المزيفة التي قدمها إبلر إلي إيفيت ، وأرسلت وكالة المخابرات اليهودية بإيفيت إلي قائد المخابرات البريطانية، لتدلي بما لديها من معلومات حول الجاسوس الألماني، ومن تلك اللحظات بدأت المخابرات البريطانية تحركاتها للقبض على إبلر وصديقه، داخل العوامة الخاصة بهما.
وعندما دق جرس الباب أدرك إبلر بحاسة الجاسوس أن ساعة النهاية قد اقتربت، وحاول مونكاستر إغراق العوامة ، وتم القبض علي إبلر و مونكاستر، وحكمت فهمي فيما بعد ، حاولت المخابرات البريطانية التوصل إلى شفرة الاتصال بين الجاسوس الألماني وقيادته، وعندما عثروا معه على رواية ريبكا و التي سبق تحريزها مع الجاسوسين الألمانيين اللذين كانا يستقبلان رسالتهما.. تأكد للمخابرات البريطانية أن بين طيات هذه الرواية الشفرة المستخدمة بينهما، إلا أن المخابرات البريطانية فشلت في العثور على الشفرة.
أما حكمت فهمي فلم تكن تعرف بأمر القبض على إبلر وصديقه، وكاشفت المخابرات البريطانية بأن جميع المعلومات والتقارير التي حصلت عليها بحوزة الميجور المخمور سميث تم إرسالها إلى روميل عبر صديقها إبلر، ولم تعد خططهم سرية ورغم القبض على إبلر وصديقه، إلا أن محطة التجسس الألمانية في القاهرة استقبلت رسالة مشفرة، ولم تكن سوى تلك الرسالة سوى خدعة أرسلتها المخابرات البريطانية إلى روميل لتضليله، وعندما وصلته تلك الرسالة جعلته يغير خططه الميدانية.
وعندما علم السادات بالقبض على الجاسوس الألماني وصديقه، حاول إخفاء جهاز اللاسلكي -دليل الاتصال بالجواسيس الألمان، وذهب إلى صديقه حسن عزت بحي شبرا إلا أنه لم يجده، وعاد ليخفيه في حجرته، وفي فجر ذات اليوم داهمت قوة من الضباط الإنكليز والمصريين منزله، وتم تفتيشه، إلا أن السادات تمكن من تهريب جهاز اللاسلكي بواسطة شقيقه الأكبر طلعت، وتم إيداع السادات في سجن الأجانب ، كما تم القبض على صديقه حسن عزت، و تمكن السادات من إطلاع زميله حسن عزت على تفاصيل القضية، حتى لا تتناقض أقوالهما في التحقيقات.
تعرف إبلر و مونكاستر على السادات داخل طابور طويل من الضباط، وأنكر السادات معرفته بإبلر، أو حسين جعفر، وزعم في التحقيقات أنه تعرف عليه باعتباره (ميجور) بريطاني يدعي إبراهام، وهو الأمر الذي أربك مجلس التحقيق، وأكد في التحقيقات أنه قَّدم نفسه و صديقه على أنهما من ضباط الإشارة الإنكليزي، وباغت السادات إبلر بعدة أسئلة هجومية للدفاع عن نفسه، زاعماً أنه لو كان يعلم بأنه ضابط ألماني لأبلغ عنه، واستمر في مراوغته حتى تمكن من تضليل مجلس التحقيق، و إرباك الجاسوس إبلر أيضاً، ولم يتمكن المحققون من إدانة السادات وصديقه حسن عزت في القضية ، مما دفع رجال المخابرات البريطانية ممارسة ضغوطهم على والده حتى يعترف و فشلت محاولتهم تلك في إثناء السادات عن أقواله أو الاعتراف بالتعاون مع الجاسوس الألماني.
وعندما عادت إدارة الجيش المصري لممارسة ضغوطها على والد السادات قال لهم: إذا كان ابني مخطئ فأطلقوا عليه الرصاص وتم الاستغناء عن خدمات السادات بقرار ملكي -كضابط في الجيش المصري- وتم خلع الرتب العسكرية من على كتفه ، و داخل سجن الأجانب التقى جميع أطراف قضية التجسس، إبلر وصديقه مونكاستر وحكمت فهمي والسادات و رفيقه حسن عزت.
ويكشف الكاتب عن سر خداع البريطانيين لروميل، و ذلك عندما وصل وينستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا إلى مصر، وطلب رؤية الجواسيس الألمان، ووعدهما بألا يحكم عليهما بالإعدام إذا اعترفا وباحا للمخابرات البريطانية بسر الشفرة، وهو الأمر الذي أدى إلى خداع روميل ثعلب الصحراء.
أضربت حكمت فهمي عن الطعام، حتى ساءت حالتها النفسية، وتمكنت من الخروج من السجن بعد أن دفعت رشوة مالية قدرها ٢٠٠ جنيهاً.
بينما عاد إبلر وصديقه مونكاستر إلي ألمانيا..
أما السادات فقد أثار الرأي العام داخل معتقل الزيتون، حتى يتم الإفراج عنه وصديقه حسن عزت، وقاد السادات حركة عصيان داخل المعتقل وأطلق عليهم الجنود الرصاص، وقرر السادات وحسن عزت الهروب مع ستة من المعتقلين، وتمكنوا جميعاً من الهروب ، وفي اليوم التالي لهروبهما، توجها إلى قصر عابدين -السادات وحسن عزت- ليسجلا احتجاجهما على المعاملة في المعتقل، وطالبا الملك بألا يخضع للسلطة البريطانية، و وقعا على مطالبهما باعتبارهما معتقلين في معتقل الزيتون وأكدا أنهما سيعودان للمعتقل مرة أخرى بمحض إرادتهما لتتحسن معاملة المعتقلين بعد نقل القومندان.
على المستوى الشخصي، تزوجت الراقصة المصرية من المخرج محمد عبد الجواد، وأنجبت منه أبنائها، و قد قدمت الإذاعة مذكراتها في حلقات في الستينات و توفيت في ٢٨ يونيو ١٩٧٤م.
فى النهاية نتمنى ان تكون القصة نالت على اعجابكم والى لقاء متجدد مع المزيد من القصص المثيرة والمبدعة.