ان التفكير النمطى الاعتيادى هو يشل قدرتنا على الابداع كما انا العمل الجماعى افضل من العمل الفردى فاليكى تجربة عملية توضح كيف يمكن ان نغير نمط تفكيرنا الى الافضل:
يقول كوستاس:
“هذا التدريب تعلمته من مدرّسة بالمرحلة الابتدائية في لندن، كانت تجريه لمجموعة من التلاميذ الصغار، وقد استطاع معظمهم إجابته وحله بسهولة شديدة، وسوف أطرحه عليكم شريطة أن تعرفوا إجابته خلال دقيقة واحدة”.
نظرنا إليه في تحدٍّ واضح غير مبرر، واستعدّ جميعنا لهذا الاختبار الذي نجح الأطفال الصغار في معرفة إجابته خلال دقيقة واحدة!!
يقول كوستاس:
“لو منحت أحدكم سكيناً وأعطيته كعكة من المطلوب منه تقطيعها بهذا السكين أربع مرات فقط؛ بشرط أن يكون هذا التقطيع في خطوط مستقيمة؛ فكم قطعة يمكنه الحصول عليها؟!! معكم دقيقة واحدة لمعرفة عدد القطع التي يمكنكم الحصول عليها”.
وتحوّل الجميع إلى نحل نشط، وقد سارع الجميع بإمساك ورقة وقلم، وأخذوا يرسمون تلك الكعكة ويتخيلون طريقة قطعها ويحسبون كيف يحصلون على أكبر عدد من القطع، وبعد مرور دقيقة كاملة، نظر إلينا د.كوستاس ماركيدس وقال:
انتهى الوقت أيها السادة، وحان وقت التقييم..
توقّف الجميع ونظر إليه في تركيز شديد؛ ففاجأنا بقوله:
من منكم استعان بزميله الذي يجلس جواره ليشتركا في إيجاد حل هذه المسألة؟
فلم يرفع أحد يده!
فسأل:
من منكم حاول أن يعرف إجابة زميله الذي يجلس جواره؟
فلم يرفع أحد يده!
فسأل:
هل حاولتم جميعاً أن تجيبوا هذه المسألة بمفردكم؟
فارتفعت كل الأيدي لتشير بالإيجاب.
وهنا كانت المفاجأة الأولى!!
ارتفع صوت كوستاس ماركيدس يدقّ أول جرس من أجراس الفكر ليوقظ العقل النائم؛ فقال:
ولمَ لم تتعاونوا معاً؟
هل طلبت منكم أن تجدوا حل هذه المسألة بمفردكم؟
هل أخبرتكم أن هذا امتحان فردي، ولا يجوز فيه الاستعانة بأحد في محاولة إيجاد الحل؟
إنه اعتيادكم على الفردية هو الذي دفعكم إلى محاولة العمل الفردي؛ على حين أن العمل الجماعي كان سيوفر مجهوداً وفكراً وقد يوفّر وقتاً لكم جميعاً!
هل خدعتكم حين أخبرتكم أن وقت الاختبار دقيقة واحدة؛ فشعرتم بضيق الوقت، وظن كل منكم أن قدرته وحده ستفوق قدرته مع الآخرين؟
أم أني أثرت رغبتكم في التحدي حين قلت: إن التلاميذ الصغار كانوا يستطيعون حل هذه المسألة بسهولة؟
المهم.. مَن منكم استطاع أن يحصل على ثماني قطع؟
فارتفعت الأيدي التي حصلت على ثماني قطع، وكان عددها كبيراً، تقريباً معظم الحاضرين!
فضحك هذا المعلم المثير، وقال:
لقد فكرتم بطريقة اعتيادية جداً، لقد قطعتم الكعكة بالشكل الاعتيادي، كما تقطعونها في المنازل، أليس كذلك؟
وطبعاً كانت هذه طريقة تفكيرهم!!
فعاد يسأل مرة أخرى، وقال:
من منكم حصل على عشر قطع؟
فرفع بعض الناس أيديهم!!
فقال لهم:
بالتأكيد إن فكركم كان أكثر تطوراً من الفكر الاعتيادي المعروف لكثيرين من الناس؛ فأنا لم أشترط أن تكون تلك القطع متساوية! وبالطبع فقد فكّرتم بطريقة مختلفة فحصلتم على عدد مختلف!!
لكن الجميع فكّروا بطريقة اعتيادية جداً؛ فكما يفعلون في منازلهم حين يعدون كعكاً لضيوفهم؛ فإنهم سيقطعون الكعك بالطريقة السابقة، ومن المستبعد تماماً أن يفكّر أحد في الحصول على قطع غير متساوية، مع أن هذا لم يكن شرطاً في تلك المسألة!
وكان هذا هو الجرس الثاني لإيقاظ العقل النائم!!
وعاد د.كوستاس ليسأل:
من منكم حصل على اثنتي عشرة قطعة؟
فرفع اثنان أو ثلاثة أيديهم، وقد شعرت وقتها بألم في تفكيري الاعتيادي القاتل!!
فقال د. كوستاس:
بالطبع لقد فكرتم في طريقة أكثر حداثة من الآخرين؛ فأنتم قد انتبهتم إلى أن الكعكة ثلاثية الأبعاد، وأنه لا داعي لأن نحصر تفكيرنا في التقطيع الأفقي.
وحقيقة، فقد كانت هذه صدمة فكرية شديدة لي!!
لكني شعرت بعدم روعتها وجدتها حين سمعته يقول:
ومن منكم حصل على ست عشرة قطعة؟
كيف يمكن تقطيع كعكة لست عشرة قطعة؟
لو فكرنا بطريقتنا المعتادة التي ننظر بها إلى أمور حياتنا؛ فبالتأكيد لن نستطيع؛ لكننا إن فكرنا بشكل مختلف ومتطور؛ فيمكننا أن نصل إلى هذه النتيجة!!
ألا يمكن أن نقطع هكذا:
لنحصل على جزأين، ثم.. نضع أحد الجزأين فوق الآخر، ونقطع المرة الثانية، ونظل نكرر تلك المحاولة، لنحصل على ست عشرة قطعة!
ألا يمثل ذلك صدمة لك عزيزي القارئ؟
ألم تكن اعتيادياً إلى حد كبير في طريقة تفكيرك؟
هل فكرت في مثل هذه الطرق لتجيب على هذه المسألة؟
إن كنت ستجيب أنك فكّرت مثل هذا الرجل، واستطعت الحصول على هذا العدد من القطع من كعكة واحدة؛ فاقرأ جيداً ما قاله بعد ذلك!!
قال د.كوستاس:
لقد كنت أظن أن هذا العدد هو أكبر عدد من القطع التي يمكنني الحصول عليها من كعكة واحدة بقطعها أربع مرات فقط، وكنت أدرّس لطلابي هذا الكلام؛ حتى حضرت عيد ميلاد ابنة أخي الصغرى، وحاولت وقتها أن أداعب الصغيرات بطرح هذه اللعبة عليهم، وبعد أن أخذوا وقتهم في التفكير، وقفت في سعادة لأعلن لهم أن أكبر عدد من القطع يمكن الحصول عليه من الكعكة بقطعها أربع مرات، هو ست عشرة قطعة؛ لكن صدمت صدمة كبرى حين سمعت طفلة صغيرة تقول:
كلا يا سيدي، هذا الكلام ليس صحيحاً، يمكننا الحصول على عدد أكبر من ذلك بكثير!
فلم أهتم بكلامها، ولم أمنحه ما يستحقه من احترام كبير، وسألتها باستخفاف:
وكم قطعة يمكننا الحصول عليها إذن؟!
فقالت بثقة رائعة:
لا أدري تحديداً؛ لكنه أكثر بكثير مما ذكرته أنت!
فسألتها، وقد بدأ الشك يساورني:
كيف هذا؟
قالت:
انظر إلى كعكة عيد الميلاد يا سيدي، وستعرف أنك بأربع تقطيعات فقط ستحصل على عدد كبير جداً من القطع، يفوق ما ذكرته عشرات المرات..
فأسرعت إلى كعكة عيد الميلاد ونظرت إليها؛ فوجدتها على شكل حشرة مبتسمة تملك أربعين قدماً، مقسمين على جانبيها! على كل جانب عشرون قدماً.
لقد صَدَقت تلك الفتاة الصغيرة، وعلمتني درساً لا يمكن أن أنساه طوال عمري! إن قطعاً واحداً لتلك الكعكة غريبة الشكل يمنحني عشرين قطعة، وقطعاً آخر يجعلهم أربعين قطعة، وهكذا!!
لماذا فكرت أن شكل الكعكة دائري؟!!
لأن هذا ما اعتدت عليه في التفكير!
وهكذا كنت في حياتي، أفعل الكثير من العادات، وأعيش كما عاش غيري، أقصد أتواجد كما تواجد غيري؛ لكنني لا أشعر بالحياة لأنني لا أفهمها.
افهم كل شيء حولك..
انظر بوضوح إلى حياتك..
ماذا تريد؟
وإلى أين تذهب؟
وقبل كل ذلك.. أين أنت؟!
ختاما هل ما زلت مقتنع بطريقة تفكيرك القديمة