ان فى قديم الزمان هناك حكمة بليغة تقول لسان حصانك ان صنتة صانك فبكلمة تستطيع ان تقام الحروب وبكلمة تستطيع ان تخمدها فمحبة الناس والتقرب اليهم تكون عن طريق اللسان الحلو الطيب الذى يستطيع ان يكسب ود الناس وقلبهم وقد اتينا اليكم اليوم بقصة الصحابى الجليل عمرو بن العاص عند فتح مصر لتنبها لقيمة الكلمة الطيبة وتأثيرها على الناس أفضل من السيف:
للكلمات تاثير واضح على كل مجريات الحياة من سياسة إلى اجتماع، ومن اقتصاد إلى أدب وفنون، وقبل هذا كله كان للدين ارتباط وثيق بالكلمات.
فالكتب السماوية هي كلمات ربانية جاءت على ألسنة الأنبياء والرسل والدعوات للإيمان، كانت وما زالت كلمات يلقيها لنا الدعاة منذ سالف الدهر إلى الآن، وفي داخل تعاليم الدين نفسه كان التركيز على أهمية الكلام لا يخفى على أحد، سواء ما جاء في الأحاديث النبوية ومن قبله في القرآن الكريم بتشبيه الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة ذات الجذور الثابتة والفروع الممتدة إلى السماء.
ولقد حذّرنا المولى عز وجل أن أي قول يلفظ منّا يقيده رقيبا عتيدا، وفي شهر رمضان الكريم كانت الأوامر الدينية واضحة للاحتراس من الألفاظ المستخدمة أثناء الصيام، لدرجة أن سبّك لأحد واعتدى عليك بالقول، فلا تردّ إساءته بإساءة، ولتقل كلمة طيبة هي: إني امرؤ صائم.
وقد عرف أهمية الكلمات مبكرا صحابة رسول الله صلى عليه وسلم فاهتموا بها واستفادوا وساهموا في نشر الإسلام بقوة الكلمات المصاحبة أو السابقة للأفعال، ومن الشخصيات الإسلامية التي اشتهرت بالقدرة على كسب المواقف عن طريق الكلمات المناسبة سيدنا عمرو بن العاص، ذلك الصحابي الفاتح صاحب الفضل العظيم على مصر وأهلها إلى يوم الدين.
موقف عجيب
ومن مواقفه الشهيرة، ما فعله عند دخول مصر فاتحا ومبشرا بدخول الإسلام إليها.. فعند وصوله لأحد النقاط المنيعة التي تتمركز خلفها جيوش الروم -التي كانت تحتل مصر في حينها- طلب قائد الحامية الرومية أن يتفاوض مع ممثل عن قيادة الجيش الإسلامي، على أن يتم الاجتماع بينهم داخل أسوار الحصن الرومي.
وبطبيعة المسلمين الجانحين للسلم وافق عمرو بن العاص.. وذهب بنفسه على أنه أحد قادة المسلمين، وبعد مشاورات ومداولات مع قائد الجيش البيزنطي لم يصل إلى نتيجة تذكر فأنهى الاجتماع وانصرف مغادرا للحصن محملا بعطية على سبيل الهدية لطمأنته.
لكن قائد الأعداء الذي كان ينوي الغدر أشار للجنود بقتل هذا الرسول، أملا أن يحقق له هذا الفعل الدنيء بعض المكاسب من رفع الروح المعنوية لجنوده وبعث الرهبة في جند المسلمين التي لم يستطع الحصول عليها عن الطريق المتعارف عليه في الحروب النزيهة من خطط وكر وفر.
كلمات داهية الحرب
لكن داهية العرب عمرو بن العاص توجس خطرا يحيط به.. ربما أحس بحركة غير طبيعية من الجنود المحيطين به.. أو ربما رأى في أعينهم نظرات ذئب يستعد للهجوم على فريسته.
فماذا فعل ليخرج من هذا الموقف؟!
دعني أصيغ السؤال بشكل آخر وأتوجه به إليك قائلا: ماذا كنت ستفعل أنت لو كنت مكانه؟!
أراك تشرد ببصرك باحثا عن إجابة مُرضية، لكني لن أطيل حيرتك وسوف أخبرك بما فعله بن العاص؛ للحفاظ على حياته والخروج من هذا المأزق الصعب، لقد عاد أدراجه للقائد عارضا عليه أن يأتيه بعدد من القادة لاستكمال التفاوض والحصول على عطايا القائد الكريم!!
لقد لعب صاحب الفراسة والذكاء على وتر طمع الغادر، والذي دائما ما يوقعه في شر أعماله، ففرح القائد الغادر بغباء هذا المفاوض ومنّى نفسه بقطع روؤس عشرة من قادة المسلمين بدلًا من واحد.
وعاد عمرو إلى مقر قيادته واستكمل رحلة فتح مصر بفضل كلماته الصائبة، لقد حقق عمرو بن العاص الكثير من النجاح من حياته بسحر كلماته وفصاحته، وأنت أيضا تستطيع إن أحسنت اختيار كلماتك أن تجنّب نفسك الكثير من العواقب، وتفتح لنفسك العديد من الأبواب التي قد تبدو مغلقة.
فى النهاية نتمنى ان تكونوا استفدتم معنا فتابعونا حتى يصلكم كل جديد ومفيد وعصرى.