انا كل منا يمتلك هوية هى التى تحمية من الاهوال والصعاب التى يجبهها فى الحياة فمن لا يملك هوية فأنة انسان ضائع غير مستقر ليس له هدف فى الحياة واليكم هذا الموضوع الشيق الذى يبن لنا اهمية الهوية فى تكوين شخصيتنا:
كلاكيت 1
بعد أن أصبح رجلاً مسئولاً يُعتمد عليه، وذا منصب مرموق، قررت الأمّ مصارحته بالحقيقة التي أخفتها عنه طويلاً.. وقفت أمامه ترتجف من قوة الصدمة عليه؛ لكنها آثرت الحقيقة والصدق، وتشجّعت ولملمت كلماتها لتلقي بالصدمة في وجهه: “لقد ربيناك أحسن تربية أنا ووالدك رحمه الله، وكم كنت أتمنى أن يرزقني الله بمثلك، وقد استجاب دعائي فلم يحرمني.. لكن الحقيقة أنك لست من بطني ولا من صلب والدك.. لقد وجدناك على باب المسجد”.. كانت هذه الكلمات كفيلة بأن تهدم حياته وتسرقه من نجاحه؛ لتجعل منه إنساناً يائساً لا أمل له في الحياة.
كلاكيت 2
تجمهر الناس حول المشاجرة الحاصلة وارتفعت الأصوات، ويبدو تخلل عنصر نسائي ظهر صوتها وسط العناصر المتصارعة، ويبدو أنها هي السبب في اندلاع المشكلة.. وقف الصديقان من بُعد يتكهّنان حول سبب الشجار ويتلمّزان بصاحبة الصوت.. جذب أحدهما صاحبه كي يكملا طريقهما؛ لكن الثاني قتله الفضول ليرى المشهد عن قرب، ولم يكن لأي منهما رغبة بالمشاركة على أي نحو في هذا الشجار.. وبعد اقترابهما لمح الأول وجه الفتاة سالفة الذكر فجنّ جنونه ودخل إلى أرض المعركة؛ فقد كانت أخته، وتبعه زميله دون تردد؛ فما كان له أن يترك صديقه وأخته في هذه الحالة.
كلاكيت 3
لم تستوقف الأخبار يوماً رامي وهو يقلّب قنوات التلفزيون، ولم تشدّه عناوين الأخبار لقراءتها أو سماعها؛ لكن ذلك الخبر بالتحديد أوقفه عن متابعة تقليب القنوات.. هو لم يعرف بالضبط أهمية الخبر؛ لكنه يجب أن يشاهد ما فيه؛ لأنه حمل اسم القرية التي وُلِد فيها.. صحيح أنه تركها منذ سنوات طويلة، ولم يعد هو أو أي من عائلته هناك؛ لكن هذا الدافع لمتابعة الخبر لم تتوقف.
سؤال اليوم ما هو العنصر المشترك بين المواقف الثلاثة السابقة؟
هذا العنصر هو السحر الذي يجعلك دائماً تتحول من “بلا هوية” إلى “صاحب هوية”، هو الذي يجعلك تحدد “هل تكون أم لا تكون”.
هذا العنصر هو القاسم المشترك الخفي للثورات العربية غير الظلم والاضطهاد والاستعباد والفقر.. هذا السرّ يسمى الانتماء..
هذا الانتماء هو ما حوّل حياة الشاب الأول من النجاح إلى الضياع، لم يكن وجود أمه أو أبيه مؤثراً في حياته العملية؛ بل إن الناس جميعاً يفقدون أعزاء عليهم؛ لكن ذلك أبداً لا يوقف حياتهم.. لكن إحساس المرء بعدم الانتماء يجعله معلقاً في الفراغ، لا يشعر بهويته، وبالتالي بضرورة وجوده في محيط يحتويه، ويدافع هو عنه.. وهذا العنصر السحري بالضبط هو ما أشعل الحماسة والحمية في الشاب الذي كان يتلمّز بالفتاة؛ بل لعله خاض في سمعتها؛ لكن انتماءه لها غيّر الموازين، وأشعل حميته ونخوته للدفاع عنها كجزء منه، وهو ما دفع الصديق للوقوف إلى جانب صديقه.. وهو بالضبط ما شغل انتباه الشاب الثالث في الأخبار التليفزيونية التي لم يكن يفكّر في متابعتها.
لأصدقائي الذين لم يكونوا يوماً يشعرون أن لهم دوراً في الحياة أو إصلاح الوطن أو أن البلد ليست ملكاً لهم.. أقول: إن دورك في الحياة يتحدد وفق المنظومة التي ترى نفسك فيها؛ فأنت دائماً جزء من دائرة أو عدة دوائر، تحتويك وتدافع أنت عنها.. أنت صاحب ديانة تعتز بها وتحميها، وصاحب وطن يحتويك وتسعى لرفعته، وفرد في عائلة تصونك وتصونها..
فلا تنسَ صديقي أبداً: أنت دائماً جزء من نظام؛ فلا تتجاهل ذلك، وتعلم كيف ترفعه ليمثلك.