ان الحياة بدون هدف ليس لها فائدة فالهدف هو المنشط والمحرك الاساسى والقود لحياة تتمتع بتحقيق الذات والاحلام فهى وقود الاهداف فمن منا لا يريد ان يصبح عضو ناجح فى مجتمعة فمن الصغر ويسألوننا عن اهدافنا فى الحياة فمنا من كان يريد ان يصبح ضابط ومنا من يريد ان يصبح دكتور وألخ .
إن وجود الهدف محدد يعيش الإنسان من أجله لهو سنة فطرية، وهبة كونية جبلنا الله عليها منذ بداية الخلق، فالإنسان يكدح في الدنيا، ويجاهد في الحياة وهو يعلم أنه إن أحسن استغلال حياته فاز الفوز العظيم في النهاية، وما عساه يكون الفوز العظيم غير الجنة التي أخبرنا الله أن من دخلها وزُحزِح عن النار فقد فاز فوزا عظيما.
إذا فالهدف من الحياة واضح لنا، إلا لمن أغمض عينيه عن رؤيته، وإذا كان ذلك هو الهدف الأكبر فهناك أهداف صغرى، أو كما يقول أهل العلم الإداري أهداف مرحلية، وهذه الأهداف المرحلية منها ما نضعه لأنفسنا ليكون درجة نصعدها ونرتقي بها في سلم الحياة، ومنها ما قد حُدد لنا سلفا بأوامر شريعية، ومن الأهداف الدينية الدورية التي فرضت علينا من المولى عز وجل هو صوم رمضان على أكمل وجه.
أهداف أخرى في الطريق
والآيات القرانية، والأحاديث النبوية التي تظهر فضل الصيام وأهميته وأثره على حياة المسلم كثيرة وغنية، وإن أضفنا إليها الدراسات والأبحاث العلمية الحديثة لاحتجنا إلى دهر في بيان فضل هذه العبادة، ولكني أود أن أشير هنا إلى درس جديد ممكن أن نتعلمه من الصيام، ألا وهو وضوح الهدف.
فشهر رمضان معروف ميقاته، ومواعيد الصيام من الفجر إلى المغرب محددة، فإذا ما التزمنا بالهدف المحدد لن نقف عنده؛ فمن خلاله نضع أهدافا أخرى كزيادة صلاة النوافل من تراويح وسنن، إلى ختم القرآن مرة أو يزيد خلال الشهر، ونحن الذين قد نتقاعس عن قراءة عدة صفحات لشهور.
ولكن وضوح الهدف وسيرنا في طريقه جعلنا نلتقط أهدافا أخرى في الطريق، فبيان الهدف وتحديده، ينير الدرب، ويزيد القوة، ويشحذ الهمة كما فعل مع الإمام البخاري ففي واحدة من حلقات العلم التي اشتهرت بها المساجد الإسلامية الكبري التي كانت تقوم بدور الجامعة والمسجد في آن واحد، جلس شيخ الحلقة (المعلم) يتحدث بألم عما يجول في نفسه من خوف على صحيح سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فما يراه من كتب قد اختلط فيها الحابل بالنابل، وحُشيت ببعض الأحاديث الموضوعة والمفبركة بعناية تجعل من العسير على طالب العلم المستجد التفرقة بينها وبين الحديث الصحيح، فما بالنا بالعامة من الناس.. وبين الخوف على السنة والأمل في الحفاظ عليها، تمنّى المعلم من طلابه أن يخرج منهم من يجمع كتابا حافظا للأحاديث النبوية الصحيحة!!
البخاري يلتقط طرف الخيط
لم يكن شيخ الحلقة سوى إسحاق بن إبراهيم المعروف بابن راهويه.. وبعد أن رمى بحلمه بين عقول تلاميذه، تلقف أحدهم هذا الحلم وحوّله في لحظتها إلى هدف، وعمل على تحقيقه..
فهل تعرف من هو هذا الطالب المتحمس لنصرة سنة سيد المرسلين؟
إنه الإمام البخاري..
ذلك الفتى الذي ما إن سمع هذه الأمنية الغالية حتى وقعت في قلبه وراح يتحرك بقوة لتحقيقها، ولكن كيف؛ فالطريق طويل والزاد قليل؟
ولكن الغاية تستحق..
والهدف عظيم..
إذن هو لها، وما دام هناك هدف واضح المعالم يمكن قياسه مرتبطا بنتيجة، فالطريق ستظهر معالمه المطموسة.
وهذا ما حدث مع البخاري في رحلته الطويلة التي استغرقت ستة عشر عاما؛ ليخرج الجامع الصحيح.
قطعة المغناطيس
وليجمع البخاري بضعة آلاف من الأحاديث الصحيحة في كتابه، حفظ ستمائة ألف حديث، وراح يدرسها سندا ومتنا ويطبق عليها الشروط التي وضعها على رجال الحديث للأخذ منهم، إلى أن توصل إلى هذا الكتاب.
ذلك الكتاب الذي أجمع علماء أهل السنة على أنه أصح الكتب بعد القرآن الكريم، فكيف كان له أن يبذل كل هذا الجهد، ويصاحبه كل هذا التوفيق الإلهي إن لم يكن له هدف واضح يجذبه إليه، فالهدف إيها الأصدقاء هو أشبه بقطعة من المغناطيس..
كلما كان أكبر وأضخم كلما زادت قدرته على استقطابك..
ومن صفاته أيضا أنك عندما تتحرك تجاهه جذبك هو إليه، وكأنه يقترب منك..
فى النهاية نتمنى ان تكونوا قد استفدتم معنا فتابعونا حتى يصلكم كل جديد ومفيد وعصرى.