ان قصة كفاح الاسكتلندى جون بيرد لهى من اكثر قصص المخترعين قوة واصرار على النجاح فهو عالم عبقرى قد تغيرت البشرية من بعده فاصبحت عصر ما بعد التلفزيون ولنتعرف سويا على تلك القصة المليئة بالكفاح والنضال:
بداياته كانت متواضعة للغاية، فقيراً معدماً يبحث عن عمل يوفّر له القليل من المال ليعيش.. إلى أن أشرقت الشمس يوماً ويطوف بعقله حلم؛ فيعيش بقية حياته من أجل تحقيقه، ولا يتردد أن يعمل بائع أمواس حلاقة وماسح أحذية، في سبيل أن يري الحلم عالم النور.
وُلد بيرد في أحضان أسرة فقيرة عام 1888، وعندما بلغ الثانية عشرة من عمره عمل جاهداً لمساعدة والده؛ فكان يجمع بعض الخرداوات ويُصلحها ويبيعها في السوق.. وفي أوقات فراغه يدرس الهندسة الكهربائية؛ إلا أنه لم يهتم بالبحث عن عمل يستقرّ فيه؛ فقد كان مشغولاً عن ذلك باختراع أجهزة جديدة.
وجاء يوم مشمس من أيام عام 1923، وخرج بيرد في نزهه إلى الحدائق.. لم يكن مأخوذاً بجمال الطبيعة من حوله؛ بقدر ما سيطر عليه التفكير في الراديو؛ ذلك الجهاز العجيب الذي ينقل صوت البشر عبر الهواء، ويحتلّ أفضل الأماكن داخل المنازل في جميع أنحاء العالم؛ فإذا ما دار، سَكَن البشر وخفضت أصواتهم يُرهفون السمع للصوت القادم عبر الأثير.
ابتسم بيرد محدّثاً نفسه: ترى ماذا سيفعل العالم إذ ما اخترعت جهازاً ينقل الصورة؟!
عاد بيرد إلى البيت، وقد عزم على استخدام نفس مبدأ الراديو في إرسال الصوت؛ لكن انظروا إلى الأشياء التي استخدامها لإنجاز جهاز التليفزيون: صندوق شاي فارغ، علبة بسكويت معدنية فارغة، إبر تطريز، محرّك مروحة كهربائية قديمة، عدسة مصباح دراجة وقِطَع غيار من جهاز راديو قديم.
انصرف بيرد عن العالم، وأغلق على نفسه باب معمله المتواضع وبدأ تجاربه الأولى لاختراع جهاز يغير تاريخ العالم، وثبّت محرك المروحة في صندوق الشاي الذي أصبح جسم التليفزيون ووضع قطعاً من الورق المقوّى على إبر التطريز التي ثبتها في المحرك، واستخدم علبة البسكويت كحامل للمصباح الكهربائي.
بعد شهور من التجارب.. وفي فبراير 1924 استطاع بيرد أن ينقل صورة زهرة.
لقد نجح وعرف أنه على الدرب الصحيح، وأثاره هذا النجاح؛ فصمم على المضي قُدُماً في اختراعه الجديد؛ ولكنه لم يكن يملك المال الكافي؛ لذا قرر العمل في أي شيء لتحصيل المال..
فعَمِل ماسحاً للأحذية، وبائعاً لأمواس الحلاقة، وعندما توفّر المال الكافي عاد إلى تجاربه.
وفي الثاني من أكتوبر 1925 نجح في إرسال صورة لإحدى الدمى.. فأخذ يهبط السلم مهرولاً، وكان يريد أن يجرب نقل صورة شخص آدمي.
أخذ بِيَد شاب يُدعى ويليام تاينتون William Edward Taynton يبلغ من العمر 20 عاماً.. وأقنعه بأن يقف أمام اختراعه الجديد ليصبح أول نجم تليفزيوني في العالم.
وقف تاينتون أمام جهاز الإرسال، وذهب بيرد إلى الغرفة الأخرى؛ ليرى ما يظهر على الشاشة؛ لكنه لم يرَ شيئاً.. الصورة بيضاء.. أصابه اليأس.. هل فشل جهازه؟!
لكنه فرح عندما عاد إلى غرفة جهاز الإرسال ووجد أن الشاب الكسول قد تراجع إلى الخلف عندما سُلّطت عليه أضواء جهاز الإرسال؛ فدس بيرد يده في جيبه، وأخرج بعض الأموال وأعطاها للشاب المراهق حتى يقف في المكان الصحيح.. ونجحت التجربة.. ونقل بيرد أول صورة لإنسان عبر شاشة جهاز التليفزيون.
وبين عشية وضحاها تحوّل ماسح الأحذية وبائع أمواس الحلاقة إلى أشهر رجل في أوروبا وأمريكا.. وانهالت عليه التبرعات لمواصلة اختراعاته.
ولم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أخذت جيوش التليفزيون تغزو العالم وتحتلّ أفضل مكان في البيوت؛ ففي أمريكا بدأت أول خدمة تليفزيونية منتظمة في الثاني من يوليو 1928، وفي بريطانيا قامت هيئة الإذاعة البريطانية بشراء أجهزة بيرد لكي تنشئ أول خدمة تليفزيونية لها في عام 1929.
وفي نفس العام بدأت الخدمة التليفزيونية في ألمانيا.. أما الاتحاد السوفيتي فقد تأخرت معرفته بالتليفزيون إلى 1931.
وفي عام 1932 اخترع بيرد التليفزيون الملون، وأظهر أول صورة مجسمة، وفي نفس العام تمّت أول عملية بث للتليفزيون عبر المحيط الأطلنطي من لندن إلى نيويورك.
وبعد بيرد واصل العلماء الطريق في تطوير أجهزة لنقل الصوت والصورة؛ حتى قيل إننا نعيش في “عصر التليفزيون”.. وفي 1946 توفي بيرد عن عمر يناهر 58 عاماً، بعد أن فتح الطريق أمام البشرية للولوج إلى عصر الصورة.
فى النهاية نتمنى ان تكونوا قد استفدتم معنا فتابعونا حتى يصلكم كل جديد ومفيد وعصرى.